اغرب الاشعار العربية


                                                       


 في أقصى الظلِّ من وقتٍ كسير

تنامُ فكرةٌ لم تُولَدْ،

وعينُ المجرّةِ تُحدّقُ بي،

كأنّي مرآتها منذ العصور.

أعبرُ الصمتَ حافيًا،

أحملُ في كفِّي سؤالًا مبلّلًا بالضوء:

"من يَكتُبُ النجمَ إن لم يَكُنْ نارًا؟"

ومن يُشعلُ القصيدةَ إن نامَت الأحلامُ؟

أقولُ للغيم:

علِّقْ قلبي على مشجبِ الرحيل،

فما عاد في الأرضِ متّسعٌ

لخُطى من تُحبُّ ولا يُقالُ له اسم.

أرسمُ وجهي على صفحةِ ريح،

وكلّما اقتربتُ من المعنى،

تبخّرَ الحبرُ،

ونبتَ في صدري جذرُ غياب.

تسألني الجهاتُ الأربعُ: من أنت

فأضحكُ… ليس من جهلٍ،

بل لأنّ اسمي ضاع حين نسيتُ

أن أُعرّف نفسي للريحِ حين مرّت.

كنتُ سطرًا في كتابٍ

مزّقتهُ العاصفة قبل أن يُقرأ،

وصوتًا في فمِ ليلٍ

خنقَهُ أولُ فجرٍ خائف.

في داخلي مدنٌ من أنقاضٍ

تنهضُ إذا بكيتُ،

وتنامُ إذا كتبتُ،

وفي ضلوعي صدى لنداءٍ

لم يُطلقه بشر،

بل نطقته الأشجار حين جفّ نبضُ المطر.

أخبّئُ قلبي في حجرٍ،

لا ليُنسى،

بل ليعود يومًا ما

ويزهرُ من شقٍّ صغيرٍ،

كأنّه وعدُ الحياةِ في صدعِ الموت


أنا لستُ نبيًّا ولا ظلَّ فكرة،

بل مجرّد ارتجافةٍ في نَفَسِ الكون،

نغمةٌ لم تُعزَفْ بعد،

وغيمةٌ تبحثُ عن أرضٍ لا تُكذّب المطر.

أمشي على جسرٍ من احتمالات،

كلُّ خطوةٍ عليه قصيدة،

وكلُّ تعثّرٍ فصلٌ من سيرةِ من لم يُولدْ كاملًا،

لكنه اختار أن يُكمل نفسه بالشظايا.

وحين يسألني الليل:

"ماذا تبقّى منك؟"

أُجيبُه:

تبقّت ابتسامةٌ

لم تعرف وجهها،

وتنهيدةٌ خجلى

تسكن بين ضلوعي كوصيةِ العابرين.

أنا ما بين الحرفِ والحذف،

ما بين المدى والرماد،

زهرةٌ نَمَتْ في قلبِ سؤال،

ولم تجد بعدُ جوابًا،

لكنها لم تتوقّف عن النمو.

تعليقات